{هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (30)}قوله تعالى: {هُنالِكَ} في موضع نصب على الظرف. {تَبْلُوا} أي في ذلك الوقت. {تَبْلُوا} أي تذوق.وقال الكلبي: تعلم. مجاهد: تختبر. {كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ} أي جزاء ما عملت وقدمت.وقيل: تسلم، أي تسلم ما عليها من الحقوق إلى أربابها بغير اختيارها. وقرأ حمزة والكسائي {تتلو} أي تقرأ كل نفس كتابها الذي كتب عليها.وقيل: {تتلو} تتبع، أي تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا، قاله السدي. ومنه قول الشاعر:إن المريب يتبع المريبا *** كما رأيت الذيب يتلو الذيباقوله تعالى: {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ} بالخفض على البدل أو الصفة. ويجوز نصب الحق من ثلاث جهات، يكون التقدير: وردوا حقا، ثم جئ بالألف واللام. ويجوز أن يكون التقدير: مولا هم حقا لا ما يعبدون من دونه. والوجه الثالث أن يكون مدحا، أي أعني الحق. ويجوز أن يرفع {الحق}، ويكون المعنى مولاهم الحق- على الابتداء والخبر والقطع مما قبل- لا ما يشركون من دونه. ووصف نفسه سبحانه بالحق لان الحق منه كما وصف نفسه بالعدل لان العدل منه، أي كل عدل وحق فمن قبله، وقال ابن عباس: {مولاهم بالحق} أي الذي يجازيهم بالحق. {وَضَلَّ عَنْهُمْ} أي بطل. {ما كانُوا يَفْتَرُونَ} {يَفْتَرُونَ} في موضع رفع وهو بمعنى المصدر، أي افتراؤهم. فإن قيل: كيف قال: {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ} وقد أخبر بأن الكافرين لا مولى لهم. قيل: ليس بمولاهم في النصرة والمعونة وهو مولى لهم في الرزق وإدرار النعم.